صحيفة: خارطة ولد الشيخ تستهدف المادتين الخامسة والثامنة من اتفاقية الطائف بين اليمن والسعودية
يمنات – صنعاء
قالت صحيفة “الاخبار” اللبنانية إن الفقرة الأخيرة من البند 2 في خارطة ولد الشيخ للحل في اليمن، طالبت حرفياً بانسحاب جموع «الحوثيين وصالح» من الحدود السعودية ــ اليمنية إلى مسافة 30 كلم من الحدود، من أجل تجنب وقوع أي هجوم مستقبلي على الأراضي السعودية.
و حسب الصحيفة، نصت المادة الخامسة من «اتفاقية الطائف»، التي عقدت بين البلدين عام 1934، على تعهدهما منع إيجاد أي بناء محصن في مسافة خمسة كيلومترات من جانبي الحدود، كذلك تضمنت المادة الثامنة التزام الطرفين الامتناع عن الرجوع إلى القوة لحل المشكلات بينهما، أكان سببها هذه المعاهدة أم تفسير بعض موادها، و إن لم يحدث التوافق، يلجأ الطرفان إلى التحكيم ضمن شروط تحددها المعاهدة.
و طبقا للصحيفة، غير أن الفقرة الأخيرة في البند 2 من خارطة ولد الشيخ (الانسحاب مسافة 30 كلم) تعني أن اتفاقية الطائف التي حددت العلاقة بين الطرفين قد تصير مهددة بالإلغاء، في ظل أن الاتفاقات السابقة تنص على انسحابات متبادلة بين الطرفين، الأمر الذي سيفتح الباب على مصراعيه، حالياً أو لاحقاً، عندما تحين الفرصة لفتح قضية ترسيم الحدود من جديد، مع ما يترتب على ذلك من آثار خطيرة، خصوصاً أن التفاوض للترسيم استمر قرابة سبعين عاماً، وخضع دائماً لميزان القوة، والبديهي أن الغلبة فيه كان راجحاً للرياض.
و يرى مراقبون مطلعون على مجريات التفاوض، التي أجراها ولد الشيخ مع وفد صنعاء في صنعاء، أن الرجل يقدم خريطة حل «مليئة بالفخاخ والعقد».
و حسب الصحيفة، بينما يعتقد المبعوث الأممي أن التضحية بالرئيس المستقيل ونائبه محاولة لإرضاء اليمن، فإن ما يطلبه يصبّ مضمونه بالكامل في مصلحة قوى التحالف التي تغيب عن الخطة، كأن السعودية وحلفاءها لا يشنون حرباً على هذا البلد منذ قرابة عشرين شهراً.
و أكثر من ذلك، لا تعترف «خريطة الطريق» بوجود حصار على الشعب اليمني، فضلا عن رفض ولد الشيخ أثناء التفاوض إدراج فقرة تطلب فك الحصار عن اليمن فور التوقيع.
و قالت الصحيفة: يبدو أن ولد الشيخ يريد تقديم خدمة إلى السعودية جرياً على عادته، لكنه من حيث لا يدري أو يدري، يضع المعاهدات بين البلدين في مهب الريح.
و أضافت: سيضطر اليمن لاحقاً إلى رفع دعاوى قانونية لاستعادة أراضيه كاملةً، استناداً إلى أن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات تنص في المادة (52) على بطلان الاتفاقية و المعاهدة التي تُوقّع بالإكراه عبر التهديد أو استعمال القوة، وهو ما كانت تمارسه السعودية على الدولة اليمنية لتوقيع الاتفاقات سابقاً.
و كانت الرياض تستند في ذلك الوقت إلى رجحان قوتها وهيمنتها على الإقليم، في ظل أنها تمثل المتكأ الرئيسي للولايات المتحدة في العالم العربي.
و تؤكد المصادر التاريخية والمستندات والخرائط أنه لم يطرأ أي تغيير على خريطة اليمن التاريخية، وأن نطاقها وحدودها ثابتة ومتواترة ومعروفة منذ أقدم عصور سبأ وحمير، ثم في عصور الإسلام والدولة الصليحية والدولة القاسمية حتى الحكم العثماني لولاية اليمن، وهذا متطابق على ما أوجزه المعتمد البريطاني هارولد جاكوب، في كتابه الصادر عام 1923، بالقول: «تبدأ اليمن من موقع الليث في ساحل البحر الأحمر عند خط العرض (20) وخط الطول (44) ــ وهو حدّ ما بين اليمن والحجاز ــ واليمامة هي حدّ ما بين اليمن ونجد».
كذلك، نجد محافظات نجران وجيزان وعسير بكل نواحيها وجزرها ما هي إلا جزء من اليمن عبر التاريخ. لكن هزيمة الجيش اليمني أمام السعودي المتحالف مع البريطانيين أدى إلى توقيع معاهدة الطائف في 1934، بسبب إدراك الإمام يحيى حميد الدين أن قواته لم تعد قادرة على الصمود أمام آل سعود. بموجب المعاهدة صارت نجران وجيزان وعسير تحت حكم السعودية بـ«نص حرفي»، لكن المعاهدة اتصفت بأمرين: الأول أنها مؤقتة لمدة عشرين سنة ويمكن تجديدها أو تعديلها، والثاني أن توقعيها عن الجانب اليمني كان باسم المملكة المتوكلية اليمنية، وجاء التوقيع في أعقاب الهزيمة العسكرية.
جرت محاولات سعودية متكررة منذ توقيع الاتفاقية لفرض تثبيتها وجعلها دائمة على الجانب اليمني.
و يؤكد مطلعون أن عدداً من القادة والمسؤولين اليمنيين قتلوا أو أقصوا عن مناصبهم بسبب رفضهم تثبيت اتفاقية الطائف، إلى أن جرى إمرار «معاهدة جدة» الموقعة في 12 يونيو 2000 بالتصويت على المعاهدة في مجلس النواب عبر رفع الأيدي، وذلك في مخالفة للقانون الداخلي لمجلس النواب الذي ينص على التصويت بالجهاز أو بالمناداة بالاسم.
و قد كان التصويت مخالفاً لنص المادة الأولى من الدستور التي تنص على منع جواز التنازل عن أي جزء من الأرض.